سكولاري أمام أصعب الوظائف بعد كابوس مينيزيس
الفوز بكأس العالم 2014 هو مطلب كل مواطن برازيلي ومشجع لمنتخب السامبا في مختلف أنحاء المعمورة، ولعل قبول لويس فيلبي سكولاري توقيع عقد جديد، لوظيفة تُعد من أصعب الوظائف في العالم، هو تصدٍّ معلن لهذه المهمة، فهل ينجح بطل العالم 2002 في إعادة الكأس الذهبية إلى الجعبة البرازيلية؟.
كابوس اسمه مينيزيس ما هو دون الفوز بكأس العالم لا يُعدّ إنجازاً ذا قيمة رفيعة في بلاد لم تغرب شمس كرتها عن العرس العالمي الكروي منذ مونديال 1930، ويأتي تعيين سكولاري بعد حقبة مانو مينيزيس التي وصفت بالكابوس لتزيد من الضغوطات على مدرب منتخب البرتغال سابقاً.
ولم يأت وصف فترة مينيزيس المُقال حديثاً بالسوداء، بسبب أداء عقيم أو غير ممتع لنيمار ورفاقه فحسب، بل للنتائج المخيبة التي سجلها المدرب السابق مع السيلساو والسمعة المندثرة وسط نمو مراكز الثقل الكروي في القارة الأوروبية.
وكان مدرب كورينثيانز سابقاً قد عُين مديراً فنياً لمنتخب البرازيل يوم 24 تموز/ يوليو من عام 2010 وذلك بعد إخفاق كارلوس دونغا في تخطي الدور ربع النهائي من كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، أملاً أن يعيد البرازيل إلى الطليعة.
وعلى الرغم من افتقار مينيزيس إلى تجربة دولية سابقة أو حتى على مستوى أندية غير برازيليّة، إلا أن رئيس الاتحاد البرازيلي السابق ريكاردو تيكسييرا المُكنى بـ"الإمبراطور"، وضع ثقله كاملاً في قرار التعيين، ومن ثم الدفاع عن المدرب المغمور.
وقاد مانو منتخب بلاده إلى الفوز على الولايات المتحدة (2-0)، ودياً في العاشر من شهر آب/ أغسطس، وذلك في أولى المباريات التي جرت بعهدته.
بعد الفوز على المنتخب الأميركي تتالت الانتصارات على منتخب السامبا في الأشهر الأخيرة لعام 2010، إلا أن الخسارة أمام الأرجنتين في العاصمة القطرية الدوحة منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر بهدف نظيف، أنست الجميع البداية الطيبة وجعلت الصحافة البرازيلية تبدأ بموشح انتقادي لأداء المنتخب... لن يتوقف أبداً طيلة قيادة مينيزيس للسيلساو.
واستهل نيمار ورفاقه عام 2011 بالخسارة أمام فرنسا، ومن المعروف أن منتخب الديكة أصبح عقدة البرازيل، فزادت حدة الانتقادات، ثم جاء التعثر المرير في أولى البطولات الرسمية (كوبا أميركا) التي يشارك بها المنتخب في عهدة مينيزيس، فخرج حامل اللقب من الباب الخلفي محققاً فوزاً واحداً على الأكوادور وتاركاً عشاقه في حيرة لا توصف، لرؤيتهم المنتخب غير قادر على تسجيل ركلة ترجيحية واحدة أمام البارغواي في الدور الثاني.
ولم يكن عام 2012 أقل سوءاً على منتخب البرازيل من سابقه، فعدا الفوز على منتخب الأرجنتين بهدفين لهدف في مباراة بلا محترفين خارجيين، لم يفز مينيزيس على منتخب كبير، إذ كان يشغل الصحافة بانتصارات واهية على منتخبات لا ترتقي أبداً إلى مستوى وسمعة المنتخب الحائز على خمس بطولات عالم (رقم قياسي).
تكريس استعصاء الذهبية الأولمبيةوبالانتقال إلى قيادة المدرب المُقال لمنتخب البلاد تحت الـ 23 عاماً في أولمبياد لندن 2012، صُدم البرازيليون بخسارة نهائي مسابقة كرة القدم أمام المكسيك (1-2)، والأكيد أن أحداً لم يُهنّئ المدرب على الميدالية الفضية، بل أكثر من ذلك، جاء الإخفاق في الحصول على الذهبية ليزيد من عواصف الانتقادات تجاه المدرب والكرة عموماً في البلاد.
وفي شهر تموز من عام 2012 لم يصدق المتابعون أن منتخب البرازيل خرج من تصنيف العشرة الأوائل على لائحة الفيفا للمنتخبات وهي سابقة تاريخية لم تحدث منذ اعتماد تصنيف الفيفا شهر آب/ أغسطس عام 1993.
هذا الحال أدّى إلى اتخاذ قرار إقالة مينيزيس من قبل رئيس الاتحاد البرازيلي الحالي جوزيه ماريا مارين، غير أن هذا القرار رغم منطقيته إلا أنه لم يسلم من الانتقادات خصوصاً فيما يتعلق بتوقيته الذي جاء قبل سنة ونصف من كأس العالم.
سكولاري ..وتميمة الفوزاختيار سكولاري ليكون المدرب رقم 34 في تاريخ المنتخب لم يكن فكرة عابرة، بل هو مطلب شعبي ورياضي وقضية رأي عام، لأن سكولاري يحمل رصيداً هائلاً من المحبة في قلوب المشجعين.
ولا أحد في اتحاد الكرة المحلي يريد المغامرة مجدداً باسمٍ محلي ليس لديه خبرة التعامل مع الأوروبيين، أو حتى استقدام مدرب أجنبي - ولو كان بحجم جوسيب غوارديولا- ليكون أول مدرب أجنبي في تاريخ البلاد يقود المنتخب الوطني.
ويأتي تنصيب كارلوس البرتو باريرا مساعداً فنياً لسكولاري خطوة أخرى لإرضاء الجماهير التي تتعلق بأصحاب الإنجازات دائماً، علماً بأن الأول قاد البرازيل إلى اللقب العالمي أيضاً عام 1994.
وساهمت سمعة سكولاري الدولية وخبرته في الملاعب الأوروبية بوضعه في الواجهة دوماً كبديل جاهز لأيّ مدرب برازيلي منذ عام 2002، فهو يعرف تماماً كيفية التعامل مع المنتخبات الأوروبية في البطولات الكبرى، يكفي أنه كان قاب قوسين أو أدنى من التتويج بلقب بطل أوروبا عام 2004 حين خسر منتخب البرتغال المباراة النهائية أمام اليونان وحصوله على المركز الرابع في مونديال ألمانيا 2006 مع البرتغال بخسارته امام فرنسا 0-1.
ويملك المدرب البالغ من العمر 64 عاماً أكثر من 20 تجربة تدريبية مع فرق مختلفة، منها تجارب ناجحة مع منتخب الكويت ونادي القادسية، إذ توج مع الأول بكأس الخليج 1990، ومع الثاني بكأس أمير الكويت 1989 إضافة لإنجازات لا تحصى مع الأندية البرازيلية، وقبل ثلاثة أعوام رصّع مسيرته ببطولة الدوري الأوزبكي مع بونيودكور عام 2009.
وما إن يذكر سكولاري في البرازيل حتى تُذكر معه حقبة تتويجه بالكأس الأخيرة للبرازيل عام 2002، ومن المفارقة أن المرحلة التي تسلم بها سكولاري المنتخب في ذلك الوقت تشبه إلى حد كبير هذه المرحلة، حينها كان المنتخب الأصفر قد تخبّط كثيراً ليصل إلى المونديال الآسيوي، وتسلم الراية سكولاري من إيمرسون لياو الذي بقي في منصبه عاماً يتيماً فقط، فهل يفعلها المدرب الموصوف في البرازيل بأنه يملك تميمة الفوز دائماً؟.